top of page
Rechercher
  • Photo du rédacteurقناة الكاتب عماد الدين زناف

نيتشه والإسلام


نظرة في كتاب نيتشه والإسلام.

بعدَ مُماطلةٍ وتأخير، قررتُ أن أقرأ أخيراً كتاب روي جاكسون "نيتشه والإسلام". وما كانت تلك المُماطلة إلا لأنني لم أكن قد قرأت مُعظم أعمال نيتشه، وبما أنني اقتربت من ذلك، أخذت أتصفح نظرة الكاتب وما أراد أن يرميَ إليه من علاقة نيتشه بالإسلام.

كانت أول مائة صفحة من الكتاب عبارة عن تفكيك الفكر النيتشي مع نظرته للنصرانية كمؤسسة يراها قد خذلت عيسى "عيسى عليه السلام". فقد كان يرى في النبي عيسى إنساناً عاليا، ورجلٌ يليق به أن يُحبّ ويُبجّل. ذكر الكاتب من عدة مصادر أخر أنه يرى في القديس بول أوّل مخربّي النصرانية الأولى، فقد عمد على تأويل الانجيل بطريقة تُفسد رسالة عيسى التي لم تصل أوروبا، وقد ذهب في تحليله بعيداً، قائلا إنه مثل المسيح رافض للقيم الجديدة، فقد رفض المسيح قيم اليهود في حقبته، الفريسيون المدعون للتدين، كذلك يفعل هو مع قساوسة عصره ورهبانهم. فقد كان بول عدمياً كارها للحياة في نظر نيتشه، وتلك العدمية قد ولّدت الاستياءَ لذا تلك الشعوب النصرانية، استياء ضد النبلاء والحكماء والأقوياء، وجعلتهم يطلبون الموتَ لأنهم سيكونون بجوار الرب في آخر المطاف. جعلتهم منكسرين غير فعّالين، يرفضون الحياة والقوة. ومن هذا المنطلق، شكّك العديد من الفلاسفة، وعلى رأسهم هيديجر في إلحاد نيتشه قائلاً، إنهُ آخر الفلاسفة الألمان الباحثين عن الإله. ذلكَ أن حديث نيتشه عن الأديان يقترب من العتاب الشديد، وليس عن فكرة الدين الأول، ذلك أنه كان في عديد المرات يحترم ذات عيسى ومحمد عليهما السلام، وكان يصنّفهما من البشريين العاليين.

انطلاقاً من فكرة نيتشه إزاء النصرانية، رأى الكاتب وهو ينقل عن كبار المفكرين في القرن العشرين، أن فكره يقترب من الإسلام، فهو لم يكنّ العداء للديانة الإسلامية أبداً، بل ودافعَ عنها في كتابهِ "نقيض المسيح"، مُتهما أن النصرانية قد جعلت الأوروبيين يغشون أبصارهم عن حضارة الاندلس الإسلامية التي كانت تنير أوروبا، وقد قال، إذا كان الإسلام يكن العداء للنصرانية، فله الحق ألف مرة، ذلكَ أن الإسلام يصنع أبطالاً. بينما يرى أن النصرانية تصنع المخذولين والخذلان. واخذ الكاتب عدّة شهادات أشارت أنه ميّال للفكر الإسلامي، حيث قال عنه الفيلسوف المسلم محمد إقبال: صوته كجلجلة الرعد، هؤلاء الذين يرغبون في غناء الأغاني العذبة يجب أن ينطلقوا من عنده. لقد طعن قلب الغرب بالسيف، لون يديه أحمر من دم النصرانية، لقد بنى تماثيل بيته وفقا لأسس الإسلام، قلبه قلب مؤمن، رغم أن عقلهُ يُنكر.

قد تبدوا كلمات فيها نوع من الانحياز وزحزحة فيلسوفه إلى صفه، لكن من يجمل مؤلفات نيشته، لا يكاد يرى له نقدا على الإسلام بالخصوص، إلا بما جملهُ في حديثه عن الديانات، فهو يرى في الدين مؤسسة سياسية كغيرها. وقد يكون نيتشه شحيح الاطلاع على الإسلام، ذلك ما يبدو جليا لندرة الاستشهاد به مدحاً او ذماً، لكن القليل الذي كان يعرفه جعله يحترمه بإزاء اليهودية والنصرانية.

في الكتاب عديد الهفوات، ذلك أن الإسلام لم يولد مع محمد عليه صلوات الله، بل هو دين الأنبياء، لكن يبقى هذا حبيس المسلمين، فالغرب لا يريد أن يقرّ بتوسّع رقعة الإسلام الزمني الذي يسبق بعثة سيّد البشر. كذلك، نرى محاولاتٍ مُقحمة لجعل نيتشه دينيا تارةً، وربانيا تارةً أخرى، غيرَ أنها استشهاديات وتأويلات ضعيفة، لأن نيتشه لو أرادها لصرّحَ بها، كما صرّح بحبه لعيسى ومحمد، وحبه لمن يراهم عظماء كنابوليون بونابارت، الذي بدوره كانَ يمدحُ سيدنا محمد كثيراً، ما يجعلُ الدائرة تُغلق حول الروابط المشتركة التي تؤدي من بعيد إلى حب خاتم النبيين ورسالته.

الترجمة سيئة جداً هي الأخرى، لم يوفق السيد حمّود حمّود فيها، الكثير من النصوص مترجمة ترجمة آلية، ما يعيب الفهم كثيرا.

أشاد الكاتب بتسامح الإسلام مع تواجد المعتقدات الأخرى، مستشهداً بالقرآن الكريم، ما قد يكون سببا آخرا في ميل نيشته لطبيعة الإسلام ومنبته ورسالته.


المقال 302

23 vues0 commentaire

Posts récents

Voir tout
bottom of page